الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025

رسائلي إليها (٤)

 رسائلي إليها (٤)

هاتان رسالتان من رسائل أ.س في الأولى تظهر حيرته، والفاته إلى نفسه وفي الثانية تظهر بوادر يأسه من حياته، ولذلك فصلهمها إذ كتبهما في يومين متتالين.

-

١٣ سبتمبر

عزيزتي،


تذكّرتُكِ.. وما أكثر ما أتذكرُ شعوري الأول، شعوري المتردد عندما رأيتك أول مرة، والذي بقي مترددًا حتى انقطع اجتماعنا اليومي، فبتّ متحسرًا أنني لم ألتفت لهذا الشعور المتردد.


لو كنتُ أطعتُ قلبي مرةً فيما يُحِبّ، كيف ستكون حياتي؟ لقد أهلكتُ قُوايَ بالتعقّل المفرط، والحذر المستريب، حتى خرجتُ خاسرًا في كل معاركي، الهارب من معاركه خاسرٌ حيّ، وهو أسوأ ممن حاول.


أنا أحبّك.. ولم يبقَ في يدي خيطٌ أتوصل به إليك، أغلقت دوني السبل، ووضعت السدود، وهذه السدود لا تزداد إلا غلظًا، لا أحب هذا الموقف، أنا حائر لا أدري ماذا أصنع، متوقف بين إقدام وإحجام، وشد وإرخاء، وعزم ونكوص، أريد إشارة منك تجعلني أندفع اندفاع نهرٍ أزيلت من أمامه صخرة حالت دون جريانه.


رسائلي بدأت تتقلص، وبدأت تلبس لغة بيضاء لا فن فيها، لم تعد نفسي تحتمل توليد المعاني وإسباغ الألفاظ الرائقة، ملّت كل شيء.. تركت كل شيء.. إلا حبك! والله لا أدري ما الذي يغذيه، ولكنه قوي جدًا لم تنفصم منه عُروة، ولا انحلت عقدة.


مُحبك المشتاق

أ.س

-

١٤ سبتمبر

عزيزتي،


ما لي أرىٰ كل عاشقٍ نالَ حظوةً عند معشوقه، وحاز رضاه، وقرّ به عينًا؛ وأنا كل يوم أتقطعُ حبًا، وأتضرم شوقًا، ثم لا يكون منك شيء؟ إني لأشك بذلك اليوم الذي كشفتُ لك فيه عن مكنون قلبي، هل كانت تلك المحادثة فعلًا؟ هل محادثتي لك في شهر نوفمبر قبل سنتين كانت حقيقة؟ عندما وصفت لك نفسي فقلت لي: أنت ذلك الأسمر؟ نعم أنا ذلك الأسمر، وأحسبني ازددت اسمرارًا للذي لقيتُه من غم وهمّ يغدوان علي ويروحان تحدوهما شدة التفكير بك وبحبك الذي أغلق عيني عن كل لذائذ الدنيا.


والله إني أبحث كما يبحث منتقش الإبرة من الأرض عن كل صورة تشبهك، وكل شيء له علاقة بك،  لعلي أهدأ قليلًا.. ولكن ذلك لا ينفع!


أنا لا أطيق، ولا صبر عندي، لا أدري كيف صبرت على هذا الشيء الذي أستحي أن أسميه حُبًا!


لن أنويَ السلوّ، كما لم أنو الحبّ، متى ملكتُ زمام نفسي أصلًا ؟! 


مع السلامة


أ.س

هناك 18 تعليقًا:

  1. أ.س أخشى أنك في المرحلة التي ما عادت الرسائل تكفي لحمل هذا الحب، فغدت رسائلك مختصرة وقصيرة، وأظن أنك ستستعيض قريبا عن الكتابة بغيرها، وتذكرت مقولة قديمة تقول: لو أن رسائلنا إليكم تحملها الكلمات لما حملناها بالطائرات.

    ردحذف
  2. كنتُ أنتظر الرسائل بشوق، لعلّها تحمل بشارةً لقلبك يا أ.س.. لكنني الآن حزينة جدًّا جدًّا. أتمنى أن تنال مرادك من حبيبتك، وأن لا يفرّق بينكما أيّ شيء. ليتها تعلم بحبّك هذا، ليتها تعلم.

    ردحذف
  3. ولِمَ عليه أن يكون عاقلًا في حبّه هذا؟ ماذا رأى فيها ليبلغه إلى هذه الدرجة من الحب؟ وهل يُعقَل أن هناك رجلًا يعشق إلى هذا الحد؟ لم أعُد أفهم شيئًا.

    ردحذف
  4. لعله ليس بحب، إنما جوع الشعور، وفراغ القلب، وهوى النفس، وعبث الخيال، لعلها وجدتك في ليلة حالكة، كلاكما يبحث عن نور ، لكنها وجدت نوراً غير الذي معك ، نورا اقرب منك، قد لا يكون أكثر توهج إنما أقرب

    ردحذف
    الردود
    1. لعلنا نُجحف في حقّه إن قلنا ليس حبًا! فالعاطفة الزائفة لا يطيق صاحبها الاستمرار، أمّا العاطفة الصادقة فيصبر صاحبها، وإن كان قلبه يشتعل شوقًا.

      حذف
    2. هي عاطفة حقيقية، ولكن هل يصح قياسها على الحب التقليدي المعروف؟

      حذف
    3. لا يهمّ إن كان يشبه الحبّ المتعارف عليه أو لا.. المهم أنه حقيقي، حيّ، ويملأ روح أ.س حضورًا. فالمشاعر لا تُقاس بالأسماء، بل بما تُحدثه في القلب.

      حذف
    4. صدقت، التسميات تحصيلٌ لحاصل

      حذف
  5. وَمن الحوادث لا أبالك أنني .. ضُربت عليَّ الأرضُ بالأسدادِ

    ردحذف
  6. يكفيك نعمة في هذه الحالة انك الرجل ! إذا أحببت حقا افعل المستحيل ابحث عنها عن أهلها اذهب اليها قبل الفوات … فالمرأة إذا احبت تحب بقلبها ودموعها ولسانها بالدعاء ،أما الرجل فيحب حتى بقدميه والهرولة إلى بيتها والسهر عند بابها حتى يفتح له ،وهذا مالا تستطيعه المرأة المسلمة .. يكفيك عزاءا انك الرجل هنا ،لا تترك محبوبتك، الفقد موجع موجع جدا ، لا تغتر بالمدح يقولون لك هل حقا بقى حب مثل هذا فتظن انك بقلمك هذا قد وصلت لاعلى قمم الحب ،لا والله فهي في قلبها لم تصل إلى حبها بعد لو وصلت إلى أتم الحب لهي بين يديك الان .. هكذا تفكر المرأة في الحب ..
    لوكان الفراق رجلا لقتلته ….. جمع الله بينكما في الحلال

    ردحذف

  7. يا رجل، تقدَّم إليها واصرح بمشاعرك، فربما خطوة واحدة منك تكفي لتكون قريبًا منها، فلا تندم بعدها وتقول: ليتني بادرتُ من قبل. ما الذي يحملك على هذا الانتظار؟ امضِ إليها، وأخبرنا بما يحدث.

    ردحذف
  8. سُئل عاشقٌ: ما أماراتُ الحبّ؟ وكيف نميّز صدقَه عن ادّعائه؟ ما البراهين التي لا يخونها الشعور؟

    فأجاب همسًا: أن تُبعث فيك حياةٌ أخرى لم تكن، وتستنير روحُك لمجرّد حضوره، كأنّ الفرح وجد أخيرًا موطنَه فيك.

    أحزنتي يا أخي!

    ردحذف

رأي ثالث في قصيدة حسن صميلي

 رأي ثالث في قصيدة حسن صميلي لستُ أبدي رأيًا في شعرٍ لم يطلبه شاعرُه، فإني أغنى الناس عن قولة: "مَنْ طَلَبَ رأيك؟". ولكنّي وجدتُ ا...