الأربعاء، 23 أبريل 2025

كتابان روايتان (2)

 

كتابان روايتان (2)

هذا الصباح كنت أستمع إلى قراءة المنشاوي -رحمه الله- لسورة الكهف، أسبغت القراءةُ على قلبي لَبوسَ السكينة، وقلت في نفسي، لعلي أتكلم اليوم عن قراءة المنشاوي، لكنّي تراجعت، فقد ألزمت نفسي أمس أن أكتب الجزء الثاني من مقالة (كتابان روايتان) وغدًا سأتكلم عن قراءة المنشاوي البهية -إن شاء الله-.

 

مقدمة أحسبها ليست موفقة، كأني نزلت من الأحب إلى الحبيب، ومن الأهم إلى المهم، ولكنّه الإلزام، لا تلزموا أنفسكم بشيء، لا تكونوا قنادس كونوا كوالا، ما لفرق بينهما؟ أنا أخبركم؛ القندس حيوان يخطط لحياته لشهور، فهو يبني السدود ومواضع المبيت، وله تأثير كبير في الكوكب، أو في المكان الذي هو فيه، أما الكوالا فتعيش كيفما اتفق، تتسلق الأشجار وتأكل ما تيسّر من هنا وهنا، ثم تنام عشرين ساعة، وهكذا؛ فالقندس مثال على الالتزام، والكوالا مثال على البوهيمية، تحيا الكوالا!

 

الرواية الثانية أعلم، لم أنس الموضوع الأساس للمقالة، فلا تغضب عزيزي القارئ. أقرأ رواية جريمة في قطار الشرق، هذه الرواية أجّلتُ قراءتها سنوات ذات عدد، ثم عزمت بحول الله على قراءتها، وقد اتّلثتُ فيها (وصلت الثُلُث) وأحسب أن هذه الرواية هي أكثر رواية مهيّئة لبوارو كما يريدها، قطار متعطل في الثلج، فهو مكان منعزل، ومشتبه بهم محدودون، ومالك شركة القطار أعطاه الخَيْط والمِخْيَط يتصرف في حل الجريمة كما يشاء.

 

قرأت لأجاثا كريستي روايات قبلها، ولكن رأيتها هنا تطبخ الرواية على نار هادئة من غير تطويل مُملّ، ولا اختصار مخل، رواية بوليسية مثالية، وأحبُّ من الروايات البوليسية ما تكون هكذا في مكان مغلق، والتحقيق يبدأ باستجواب الموجودين، وتبدأ مع المحقق تراقب كلماتهم، أو تناقضاتهم، ثم تجلس وتفكر كما يقول هيركول بوارو، حدث هذا مع الرواية التي قرأتها لأجاثا كريستي قبل هذه وهي، جريمة عيد الميلاد، كانت في بيت مغلق، في حفل اجتماع في الكريسمس، وتحدث جريمة فيُحبس المدعوون وهم من عائلة واحدة، وتبدأ الاستجوابات، وتظهر العلاقات المعقدة بينهم.

 

غير ذلك فإن أجواء العصر ذاك جميلة، وإن لم تكن فكتورية فأجاثا تكتب في زمانها بداية القرن العشرين وأواسطه، ولكن حافظت على الأجواء الفيكتورية المحبوبة عند الناس، وهنا اختلاف عن ديكنز "الفيكتوري" فإنه يظهر أبشع ما في العصر الفيكتوري من فقر وجوع وزوايا منتِنة.

ليس عندي غير هذا، إن شاء الله بعد أن أنتهي من جريمة في قطار الشرق وأوليفر تويست أكتب عن الروايتين انطباعًا ومقالة تكون امتدادات لهذه المقالة.


هناك تعليق واحد:

الحَلُّ لكل شيء

 الحلُّ لكلّ شيء حين يجلس وحدَه رجلٌ كثير التفكير والقلق تصل به أفكارُه إلى مُعضِلاتٍ لا حلّ لها، ولا يرتاح باله حتى يبلغ بعَقْدِه الأفكارَ ...