جَميلة
لو سألتني يا أخي عن جمالها، فربّما اجتلبَتْ العينُ بما ترى من جمالٍ حُبًا معلقًا بهذه العلة، علةَ الجمال، ثم سيُقال: لا تفرح، سيأتي يوم تعفو على هذا الجمالِ رياح السنين، حتى تُعيدَه غُبرةً لا شيء فيها.
صدق من قال ذلك لو قاله، غير أنها ليست جميلة!
نعم، قد عشتُ حياتي محللًا للجمال، سامعًا كلام الناس في تشكيله واختياره، وإن كانت معرفة الجمالِ تختلف بين عين وعين؛ إلا أن الذوق العامّ يجول في ميدان لا يخرج عنه، وهي ليست في ذلك الميدان!
إذن أنا أعلم أنها "عقلًا" ليست جميلة، لا لا.. الأمرُ ليس كَذا، إنها جميلة، بل بارعة، تبهرُ حتى يذهل القلبُ عمّا حوله! تخيل لو ظهرت الملائكة لحظةً لرجل، ثم قيل له صف جمال الملائكة، أكان يستطيع؟ وكيف يوصَف ما لا يُقاس عليه شيء فنقول كأنه كذا وكذا!؟
لا أعلم كيف أصف جمالها، جمال فوق الوصف، غريب أصيل، لا تُشبه بقية النساء، كأنّ كأس الحُسنِ مترعةً تتهادى حتى صُبّت عليها صبًا، فكان أجمل من القمر ليلة البدر، وأجمل منه حين يتغشاه السحاب فيُنير شيئًا قليلًا خلاله، أجمل من الشمس في صباح شاتٍ، أجمل من الندى على ثغر زهرة تُسلمُهُ إلى دمث تراب قطرةً قطرةً.
جمالٌ فريد عجيب غريب، لا يوفّيه إلا سؤال المازني:
"أنت إنسانٌ على فَرْطِ جمالِكْ !؟"
👏🏻👏🏻🌹
ردحذفأبدعت
ردحذفرائع مبدع مُجاز
ردحذفمقالتك قطعة أدبية آسرة، تجتمع فيها لوعة التناقض وسحر البيان، تَحار فيها العقول بين نفيٍ وإثبات، حتى يغدو الجمال فيها لغزًا لا يُحلّ. الأسلوب فخم، مترع بالتشبيه البديع والصور الباهرة، تُلامس فيه بلاغة المازني وتستبطن روح التذوق الرفيع. غير أن التكرار الطفيف في مواضع، لو لُوِّن بصياغة أكثر تنوعًا، لأكملَ للمعنى بهاءه وللأثر صداه.
ردحذفو لازالت الناس تلوم ابو نواس حينما قال:
ردحذفكيف التعففّ عن غزالٍ أحورِ
قسمَ الحتوفَ بطرفِهِ السحّار
🌹🌹🌹
ردحذف