الاثنين، 19 مايو 2025

الفانتازيا الفاتِنة

 الفانتازيا الفاتِنة

استبدّ بي حماس على القصص الواضحة، قصص الأميرة المخطوفة التي ينقذها محارب من عامة الشعب، ثم يتزوجها في النهاية. هذه القصص كقصص ألعاب Dragon Quest يكون فيها الخير والشر واضحَيْن، كتبايُن الأبيض والأسود، والأحمر والأخضر، والعالم مليء بمخلوقات خيالية، هذه العوالم تفتنُني جدًا، عوالم الفانتازيا من غير تعقيد.

ومما يفتتني أيضًا في هذه القصص المخلوقات التي تدخل في الأحداث اليومية للأبطال، مثل طائر Chocobo في سلسلة Final Fantasy، وهو وسيلة التنقل الفردية، يحلّ محلّ الحصان، وهو طائر يشبه النعامة، لونه أصفر فاقع في الغالب، ويكون بألوان غير الأصفر، محبوب عند الناس للطافته وصوته وحتى الموسيقا المُبهجة التي تشتغل عند ركوبه. هذا الطائر صار أيقونة Final Fantasy لأنه موجود بجميع أجزائها وعوالمها والناس تحبّه.

وكذلك القُرى والقلاع والدساكر، والسوق وما فيه من صنائع المعدّات والأسلحةِ والعقاقير، ومراسم التتويج أو الاحتفالات الشعبية، كلّ ذلك غِنًى يفتنُ القارئ أو اللاعب.

بناء عالم فانتازي سلاح ذو حدّين، لأنك إذا بسطته جدًا فَقَدَ جاذبيته، وإذا عقدته جدًّا صعب فهمُه، فيجب أن تجد المعادلة التي في الوسط، المعادلة التي وجدَها تولكين في سيّد الخواتم، أو ج.ك رولينج في هاري بوتر -إن أردت فانتازيا عَصْرية-.

تستطيع أن تستعمل المخلوقات المعروفة كالغوليم والغريفين والتنين، وتستطيع تأليف شيء من جديد، وتستطيع الاستلهام من الأساطير الشعبية، مثلًا؛ عند العرب عَنْقاءُ مُغرب، وهو طائر عظيم جدًا، له ستة أجنحة، وأربعة أرجل، وعندهم الغُول وهي مخلوق يتشكّل بصورة امرأة حسناء تُغري الرجال، فإذا اقترب منها تغوّلت وصارت عجوزًا يخرج النار من أنفها وفمِها، فإذا أردت قتلها فاضربها ضربةً واحدة، فسوف تقول لك: اضربني الثانية وأجهز علي، فإذا تركتها ماتت وإذا ضربتها ضربة أخرى عاشت ولم تمت. وقد قاتلها تأبط شرًا ليلًا، فصَرَعها ثم اتكأ عليها ليراها في الصباح، فلما أصبح رآها لها وجه قطّ قبيح مشقوق اللسان، وساقان كساقَيْ الطفل المُخدَج (الذي وُلِد قبل أوانه) ورأسها من الخلف كرأس الكلب، وجلدها متغضّن كالقربة البالية، وصفها في أبياته التي مطلعها:

ألا من مُبلغٌ فِتيانَ فَهْمٍ

بما لاقيتُ عند رَحى بِطانِ

ولديّ بيتٌ طريف قلتُه قديمًا:

جِئني بمن قرّ عَينًا في الهوى زَمَنًا

آتيكَ يا صاحِ بالعنقاءِ والغولِ

فهذه مقالة اليوم، ومن يعلم لعلي أكتب رواية قصيرة فانتازيّة.

هناك 17 تعليقًا:

  1. مَشرَفِيُّ ٱلدَّولَةِ عَلِيّ ٱلْرِّضَا ٱلْحَمْدَانِيّ19 مايو 2025 في 1:59 م

    مَقَالَةٌ جَمِيلَةٌ بَسِيطَةٌ وَلَعلَّ البَيتَ الَّذِي كَتبَتَهُ أَضَافَ شَيئًا جَمِيلًا لَهَا، مِن المُمكِن أَن نَقرَأَ رِوَايَتَكَ إِن كَتَبتَهَا بِإِذنِ اللّٰهِ 👀

    ردحذف
  2. خطر ببالي وانا اقرأ "تنانين فرسان قرية بيرك"... فانتازيا من النوع اللي يحاول يكون عظيم بس يطيح في فخ المبالغة. دراجونز بكل زاوية، دراما مفتعلة، وأحيانًا تحس العالم مفرغ من أي شي غير تنين وصراخ.
    هو ممتع كبداية، خاصة لو كنتِ من جمهور الفلم الأصلي، بس بعد فترة تحس إن الفانتازيا فيه تصير فنتازيا بلا روح: التنانين كثير لدرجة يفقد الواحد الحماس، وكل حلقة غالبًا تنتهي بنفس الطريقة، وتحسين العالم مبني بس عشان يخدم الفكرة العامة (التنين صديقنا) بدون تعقيد أو عمق كبير.
    الكلام اللي قلته عن تبسيط أو تعقيد العالم جدًا كان دقيق — وفعلاً، لقيت هالشي واضح في الفروقات بين فانتازيا مثل فاينل فانتسي وفانتازيا كرتونية زي بيرك.

    ردحذف
    الردود
    1. من مخاطر الكتابة بدون نظارة:
      أنثتك عن طريق الخطأ
      *كنتَ
      والله ما كان علي اتفلسف واكتب بالتشكيل

      حذف
    2. ليتها وقفت على كنتِ «تحسين» هذي بغت تصرعني الله يهديك ههههههههههههههههههههههه

      حذف
    3. نعم، الفانتازيا من التصنيفات الكبيرة، ألف فيها كثر، وصعب وجود كتابة مُحكَمة فيه.

      حذف
  3. ما رأيك استاذ خالد بسلسلة فانتازيا للدكتور احمد خالد توفيق
    انا من الان انتظر روايتك اسئل الله لك التوفيق

    ردحذف
  4. يا شيخ قد أصبت عين الصواب في مقالتك غير أن عوالم تولكين (بمختلف العصور خاصة العصر الأول) ليست بسيطة إطلاقا ، بل هي من أعقد الروايا نظرا لشخصياتها الكثيرة جدا و عالم واسع جدا و معارك ضخمة .

    ردحذف
  5. ولو أن هذا اللون من الكتابة- بالمجمل الأعم - يروق لليافعين أكثر من غيرهم وهم من يقيمون سوقه ويقعدونه، إلا أني أرى في مهمة كاتبها مهمة بالغة التعقيد. فكاتب الفانتازيا هو كمن يحاول أن يتخيل لونا أو شكل حيوان جديد كلياً، لم يسمع به أحد من قبل، ولا ان يكون مزجاً واضحا مملا بين شيئين أو أكثر مألوفين. لذا ترى بأن الساطعة أسماؤهم من كتاب هذا اللون معروفون للجميع وهم بنظري من نقوة القراء لأنهم لا يمكن أن يعولوا على مخيلتهم اليقظة الولادة فحسب وإنما أيضا يمتلكون اضطلاعا واسعا بالتاريخ والجغرافيا والعلوم وعلوم اللغة والهندسة وغيرها...

    ردحذف
    الردود
    1. الكاتب يستطيع تسخيفه إذا فكر باليافعين، ويستطيع إحكامه إذا احترم نفسه وكتب بفن عال، كما فعل تولكين وكما فعلت ج ك رولينج

      حذف
  6. مقالاتٌ جميلة وشاعرية، أثق تمام الثقة أن الرواية ستكون كذلك، لذا أدعم الفكرة، وسأكون أوّل القارئين.

    ردحذف
  7. حين قرأت كلماتك، أحسست أني أمام قلمٍ لا يكتب بالحبر، بل يكتب بروحٍ شاعرة، وعقلٍ موسوعيٍّ يُمسك بخيوط اللغة كأنها خيوطه هو. ما بين وصفٍ أسطوريّ يضجّ بالحياة، وبيتٍ شعريٍّ راسخٍ في جماله، ثم ختامٍ بمقطوعة وجدانية تفيض شجنًا — شعرت أنني لا أقرأ، بل أتنفّس أدبًا خالصًا، وعذوبةً تنساب من بين السطور.

    بيتك: "ما حَنَّ قَلبي إِلى شَيءٍ سِواكِ وَلا
    نَظَرتُ مُذ غِبتِ مِن عَيني إِلى حَسَنِ"

    بيتٌ فيه من رقّة العاطفة وصفاء الحب ما يجعل القلب يخشع قبل العين. لله درك! لقد جمعت في مقالك هذا بين الفانتازيا الساحرة، والوجدان العميق، واللغة الرفيعة.

    وها أنا ذا أقول فيك، مدحًا صادقًا من القلب:
    قَلَمٌ رَفِيعٌ يُجتَنَى مِنهُ النَّدَى
    وَمَآثِرٌ تُحكَى تُثَارُ بِهَا الحَشَى

    لِلَّهِ دَرُّكَ مَا أَشَدتَ وَأَبدَعَت
    عَبَرَاتُكَ الفَوَّاحُ مِنهَا ذَا الشَّذا

    ردحذف
  8. أنا جداً سعيده بك وبمقالاتك ، أدائك في الشعر والنصوص جميل جداً ، مميز في وقت يقل فيه المميزين ، ومن يحبون الشعر ، اما المقاله هذه جميلة جداً واتمنئ ان تستمر دائماً ( عالم الفنتازي كبير ومثير للإعجاب) احياناً الخيال أجمل من الحياه الواقعيه ( لربما يأتي اليوم الذي نراك من أكبر الگتاب في أدب الفنتازي والشعر والنصوص انا علئ يقين في ذلك .

    ردحذف
    الردود
    1. سلمك الله، فعلًا عالم الفانتازيا كبير ومتشعب، ويحرك جانب الخيال في الذهن، هذا الجانب الذي عطله أكثر الناس بعذر النضج.

      حذف
  9. دراجون كويست وفاينل فانتسي !
    طلعت ذويق حتى بالالعاب

    ردحذف

رأي ثالث في قصيدة حسن صميلي

 رأي ثالث في قصيدة حسن صميلي لستُ أبدي رأيًا في شعرٍ لم يطلبه شاعرُه، فإني أغنى الناس عن قولة: "مَنْ طَلَبَ رأيك؟". ولكنّي وجدتُ ا...